مسجد الغمامة
مسجد الغمامة يُعد واحدًا من المعالم الدينية الهامة في المدينة المنورة، ويحظى بزيارة كثير من الزوار الذين يسعون لأداء الصلاة فيه، حيث يُعتقد أنه كان آخر المواضع التي صلى فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم صلاة العيد.
يقع مسجد الغمامة على بعد حوالي 500 متر من المسجد النبوي الشريف في الناحية الجنوبية الغربية للمسجد النبوي. تم بناء المسجد خلال ولاية عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- وشهد عدة إصلاحات وأعمال بناء متتابعة على مر العصور.
يتكون المسجد من جزأين: المدخل وقاعة الصلاة. المدخل مستطيل الشكل ويتكون من ستة قباب، ويبلغ طوله 26 مترًا وعرضه 4 أمتار. أما قاعة الصلاة فتبلغ مساحتها حوالي 30 مترًا في 15 مترًا، وقد تم تقسيمها إلى رواقين وسُقِفت بستة أقبية. يتوسط المسجد المحراب، وعن يمين المحراب يوجد منبر رخامي، بينما تتواجد المئذنة في الناحية الشمالية الغربية للمسجد.
يتميز المسجد بتصميمه المعماري الجميل، حيث تم استخدام الأحجار البازلتية السوداء لتغطية الجدران الخارجية، بينما طُليت القباب والجدران الداخلية باللون الأبيض. كما زُيِّنت الأكتاف والعقود باللون الأسود، مما أعطى المسجد مظهرًا جميلاً ومتناغمًا بين اللونين.
بفضل مكانته التاريخية والدينية، يعتبر مسجد الغمامة موقعًا هامًا للزوار الذين يسعون لزيارة المعالم التاريخية والدينية في المدينة المنورة.
ربما يثير استغراب البعض وجود هذه المساجد على مقربة من المسجد النبوي الشريف، وبمسافات متقاربة بينها، وقد يتساءل البعض: متى كان من الممكن لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أن يفكروا في ترك مسجد رسول الله ومسجد المصلى (المعروف أيضًا بمسجد الغمامة) الذي كان يصلى فيه النبي في العيدين، وبناء مساجدهم بالقرب منها؟
ولكن، الحقيقة هي أن هذه المساجد لم تكن موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. فقد كان رسول الله يصلى العيد في أماكن متعددة في ميدان المناخة، ولذا كان هذا الميدان معروفًا باسم "مصلى الأعياد". وتم بناء مسجد المصلى (الغمامة) في الموقع الذي كان يصلى فيه النبي في سنواته الأخيرة.
عندما تولى أبو بكر الخلافة، كان يصلى العيد في بعض هذه المواضع، وأصبح المسجد المشيد في أحد هذه المواضع يُعرف لاحقًا بمسجد أبي بكر الصديق. وعندما تولى عمر الخلافة، كان يصلى العيد أيضًا في هذه المواضع، وأصبح المسجد المشيد في أحدها يُعرف بمسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
وعندما حوصر عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، بصلاة العيد في بعض هذه المواضع أيضًا، وأصبح المسجد المشيد في أحدها يُعرف بمسجد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
أما مسجد عمر، فقد بُني في القرن التاسع الهجري، ولربما سُمي بهذا الاسم نظرًا لوجود مساجد لأبي بكر وعلي بالقرب منه. وبالمثل، استحدث مسجد عثمان ذي النورين في بداية القرن الخامس عشر الهجري، وربما سُمي بهذا الاسم كتكريم لأسماء الخلفاء الأربعة في تلك المنطقة.
يجدر بالذكر أن ميدان المناخة كان فضاءً غير مبنى، وكان يُمنع البناء فيه. وقد أُثبت أن المصلى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مسجدًا، بل كانت المساجد في المصلى كانت مكانًا للصلاة في الصحراء، وتم بناء المساجد المعروفة اليوم في بعض هذه المواضع في عهد عمر بن عبد العزيز.
وتُثبت الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج في عيدي الفطر والأضحى إلى ميدان المصلى ويصلي فيه العيد. وقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي كان يبدأ صلاة العيد في المصلى، ثم ينصرف ويوجه كلامه للناس، وكان يصلى في المصلى ويخطب فيه أحيانًا.
وثبت أيضًا أن النبي صلى صلاة الاستسقاء في ميدان المصلى، حيث خرج ليدعوا الله للمطر، وكان يستسقي في موضع قريب من الزوراء، وكان المصلى مكانًا يعرف له بالدقة.
وعندما علم النبي بموت النجاشي، نعاه للناس وصلى عليه صلاة الغائب في موضع المصلى.
وعن أبي عطاء قال لي سعيد بن المسيب: "يا أبا محمد، أتعرف موضع دار كثير بن الصلت؟" فقلت: "نعم". فقال: "إذا خرجت حتى انتهيت إلى تلك المنطقة، فوقف وصف أصحابه خلفه النبي فصلى على النجاشي حين مات في أرض حبشة"). وأفاد ابن سعد أن دار كثير بن الصلت كانت قبلة المصلى في العيدين وأنها كانت تطل على بطحان الوادي الذي في وسط المدينة، ولكن بُنيت داره بعد وفاة النبي بفترة، لكن عندما أصبحت مشهورة في ذلك الموقع، وصف المصلى بجوارها
الصلاة على الغائب: ومع تحدثنا عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي صلاة الغائب، يُذكر رأي العلماء في الصلاة على الغائب: قال ابن القيم: "صح عنه أنه صلى على النجاشي صلاته على الميت، فاختلف الناس في ذلك على طرق، أحدها أن هذا تشريع منه وسنة للأمة الصلاة على كل غائب، وهذا قول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وقال أبو حنيفة ومالك: هذا خاص به وليس ذلك لغيره. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصواب أن الغائب إذا مات ببلد لم يُصلَّ عليه فيه صلي عليه صلاة الغائب كما صلّى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، لأنه مات بين الكفار ولم يُصلَّ عليه، وإن صلي عليه حيث مات لم يصل عليه"). دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمصلى: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر فمر بالمصلى استقبل القبلة ووقف يدعو"). والمصلى يقع في الجنوب الغربي للمسجد النبوي الشريف، ويبعد نصف كيلومتر من باب السلام و٣٠٥م من مبنى التوسعة السعودية الثانية للمسجد النبوي الشريف. أما أسماء المسجد فيعرف بعدة أسماء، فقد يُسمى مسجد المصلى كما ذكر ابن شبة، أو يُعرف بمسجد الغمامة نسبة إلى القصة التي تقول أن غمامة حجبت الشمس عن النبي صلى الله عليه وسلم أثناء صلاة الاستسقاء في هذا الموضع، ويعتبر المسجد اليوم معلماً مهماً في التاريخ الإسلامي ويُعرف بهذه الأسماء . وصف المبنى: يتميز المسجد بمسقط مستطيل، ويتكون من جزئين، الجنوبي والشمالي، حيث يتمتع الجزء الجنوبي بقباب كبيرة، بينما يُغطى الجزء الشمالي بقباب صغيرة، ويتسع المسجد لعدد كبير من المصلين، ويتميز بالبنية الهندسية المتقنة والتي تعكس الطراز المعماري الإسلامي التقليدي، وتعود بنيته لعهد السلطان عبدالمجيد الأول العثماني، وقد تم تجديد بنيته في الفترة الأخيرة بمبادرة من وزارة الحج والأوقاف للحفاظ على هذا المعلم التاريخي . وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد في موضع هذا المسجد، ولذلك أشار إليه ابن شبة والمطري، وقد بُني المسجد في عهد عمر بن عبد العزيز خلال ولايته على المدينة المنورة، وتعتبر هذه المساجد المتواجدة في هذا الموقع من بين المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد .